الفرصة الذهبية للرئيس
منذ أن تحدث الرئيس السيسي في أحد اللقاءات بأن مواد الدستور كتب بنوايا حسنه وأن البلاد لا تحكم بحسن النوايا أصبح البعض يتحدث عن تعديل الدستور باعتباره أمر واقع لا جدال فيه خصوصا وأن بعض المؤسسات والشخصيات الحزبية والسياسية وضعت تصورات عديده لمسألة التعديل سواء كانت هذه التصورات مؤيده أو معارضه للفكرة من الاساس وأصبح الشغل الشاغل لكل من يتحدث في هذا الموضوع هل سيشمل هذا التعديل المواد المتعلقة بفتره حكم الرئيس؟ وهل الهدف الأساسي من هذا التعديل هو مد فترة حكم الرئيس وباقي المواد التي تم ذكرها ما هي إلا نوع من تجميل صوره التعديل وحشو زائد لا محل له من الاعراب؟ أم أن فكره التعديل في الأساس ما هي إلا اجتهاد بعض الأشخاص وليس للدولة علاقة به من قريب أو بعيد؟ ام أن طرح الفكرة من بعض الشخصيات المقربة من السلطة بمثابة تنويه وتهيئة للرأي العام على اعتزام إجراء التعديلات؟ أم ان فكره التعديل ما زالت محل دراسة واختلاف وما يثار الآن ما هو إلا بلونه اختبار؟ أم أن التعديل هو مجرد شائعة ضمن عدد الشائعات التي تم إثارتها في الفترة الأخيرة؟ كل هذه التساؤلات والاستفسارات اثارت حالة من اللغط ولا أحد يعلم الحقيقة ولم تهتم أي شخصيه مسئولة بأن تنهى حالة الجدل حول هذا الموضوع.
هذا الجدل انتهى بمجرد أن تقدم حوالي مائه وعشرون نائب من نواب البرلمان بطلب رسمي لتعديل بعض مواد الدستور والذي احتوى للأسف على ما يفوق توقعات الجميع حيث شملت التعديلات بعض المواد التي لم تكن في الحسبان مثل المواد الخاصة بالقضاء وأيضا المواد الخاصة بالمؤسسة العسكرية بالإضافة إلى مده الرئاسة والمادة الانتقالية الخاصة بالرئيس الحالي وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال منطقي هل سيسمح الرئيس نفسه بتعديل المواد المتعلقة بمد فتره الرئاسة ام سيتصدى لأي محاوله لتعديلها؟ وهل الرئيس يؤمن حقا بأهمية تداول السلطة وترسيخ مبدأ احترام الدستور والقانون؟
اعتقد أن أمام الرئيس فرصة ذهبية ليؤكد للشعب المصري بل والعالم أجمع أن ثورة الخامس والعشرون من يناير وثورة الثلاثين من يونيو بدأت بعدهما بناء مصر الجديدة التي حلمنا بها جميعا وان مصر الجديدة تحترم الدستور والقانون وتؤصل للتداول السلمي للسلطة وان الدساتير والقوانين لا يتم تفصيلها أو التلاعب بها لحساب أي شخص مهما كان ما قدمه لمصر.
أمام الرئيس فرصة ليؤكد أن المؤسسة العسكرية ساندت الشعب المصري في الفترة الماضية ليس طمعا في السلطة وإنما لإرساء قواعد حقيقية لبناء دوله مدنيه ديمقراطية قوامها الدستور والقانون.
امام الرئيس فرصة ليقضى تماما على أي محاولات لخلق ازمه ثقة من المحتمل حدوثها بين الشعب ومؤسسات الدولة بمجرد التفكير في تعديل الدستور فالتاريخ حافل بمواقف عديده تؤكد أن التعديلات الدستورية التي تأتى بعد استقرار دستوري قصير تؤدى إلى اضطرابات عديده ولا تساعد على الاستقرار.